اليوم هو الخامس والعشرون من رمضان .... سوف أعود إلى المنصورة إن شاء الله، لقد اشتقت كثيرا إلى أهلى، انهم قلقون على جدا بسبب عاهتى وعدم إبصارى، لم يرونى منذ شهرين فأنا أدرس فى القاهرة وأستعين ببعض أهل الخير من جمعية رسالة فى مذاكرة دروسى، والأن أنتظر من يملك سيارة لكى يقودنى إلى الموقف
ها هى صديقتى الكفيفة قد وصلت كى تصطحبنى إلى رسالة ومعاها زوجها ضعيف البصر، علينا أن نركب المواصلات بزحامها، أحيانا نجد من يرحمنا وأحيانا لا نجد، ولكن لنا الله، اللهم يسر لنا من يقودنا إلى الجميعة، ثم من يقودنا إلى الموقف.
هانحن قد وصلنا إلى رسالة، ولكن المتطوع اعتذر، وعلينا الانتظار، كم أكره هذا الانتظار، آه لو كنت بصيرة لكنت ذهبت بمفردى، اللهم صبرنى وجازنى خيرا بصبرى
لقد فاتت ساعة الآن، ولم يصل أحد ولم نجد أحدا لكى يقوم بتوصيلنا، قد لا يأتى أحد، ولا أسافر أصلا، وأضطر للانتظار إلى الغد، الموظفة تطمئننى وتقول لى أن أحد المتطوعين سوف يحضر بعد قليل لكى يأخذنى، اللهم يسر.
لقد وصل المتطوع، وقام بحمل حقيبتين هما كل أغراضى، اللهم احفظ هاتين الحقيبتين، وجازى هذا المتطوع خير الجزاء، ولكن ما ذنبه لكى يقوم بهذا العمل لابد أنه متضرر ومتعب، ولكنى لا أملك شيئا، اللهم وسع صدر هذا الرجل الذى لا يعرفنا ولكنه يقوم بهذا العمل من أجلك.
سيارة على ما يبدو أنها غير مريحة، وهذا الرجل يبدو أنه سوف يتعبنى فى هذه الرحلة، أجلس فى المقعد الأمامى ولا اجد ما أستند عليه أمامى، فإذا وقف فجأة قد أصطدم فى الزجاج، اللهم استرنى ولا تفضحنى
بدأنا المشوار إلى موقف عبود، والرجل لا يتحدث، يبدو أنه متضايق أو لديه مواعيد، ولكنه يقود السيارة بهدوء الحمد لله، وفجأة يفرمل فرملة سريعة، فأمد يدى لأمسك بشىء فلا تجد يدى شيئا لتمسكه ولكنى تماسكت والحمد لله ولم يصبنى شئ، أريد أن أجد ما أمسك به إذا حدث أى طارئ، ولاكنى فى هذه الظلمات، لا أرى النور ولا أعرف أين أنا، اللهم قصر هذه المسافة وييسر الطريق .
الآن وصلنا إلى الموقف والرجل يقول لى الآن سوف نسير مسافة قصيرة إلى الموقف، ماذا أفعل قد أتعثر فى الطريق ولا أجد من يحملنى، يا رب يا رب استرنى ولا تفضحنى، ولكنى معى حقيبتين ثقيلتين، ماذا أفعل بهما، قالى لى الرجل أنه سوف يحملهما، اللهم جازه خير الجزاء
هذه هى الحارة المخصصة للميكروباصات، ولكن لا يوجد ميكروباص يسير فى الطريق الزراعى، إذا علي الانتظار، ماذا أفعل بحقائبى، هذا الرجل سوف يتركنى ويمشى وسأكون وحيدة، قد يسرق حقائبى لص، وقد لا يترك لى الناس مكانا لأركب وقد لا يأتى الميكروباص أصلا، ولكن ما ذنب هذا الرجل، فأكيد أنه لديه مواعيد، وأنه يريد أن يرحل الآن، طلب منى الجلوس على مقعد فى الموقف، ولكنه لا يتحدث، أين هو؟ سألت من تجلس بجوارى، فقالت انه قد رحل، وأين حقائبى؟ قالت انها هناك فطلبت منها أن تحضرها، فلم تفعل، إذن على أن أحضرها بنفسى، ولكن كيف؟ أنا لا أرى لا أرى لا أرى، سوف تضيع حقائبى، ها هو صوته من جديد، لقد عاد الرجل من جديد، لقد عاد ملاك الرحمة الذى أرسله الله لى، لقد ذهب ليسأل عن موعد الميكروباص، والآن يطمئنى أن حقائبى بخير، ولكنه يجب أن يذهب، ولكن كلما طلبت منه ذلك لا يستجيب ويقول انه سوف ينتظر حتى أركب، مضت نصف ساعة ولم يأتى ميكروباص، لقد تعبت من الجلوس، سأقف قليلا، ثم أجلس، لقد مللت لا أستطيع الاحتمال، يا رب من لي سواك أعنى يا معين، لقد جاء الميكروباص، أين الرجل لماذا لم يأتى ليأخذنى، لا أعرف ماذا أفعل، أسمع صوته ، ها هو جاء الحمد لله ودلنى على المكان الذى سوف أجلس فيه، أين حقائبى، قالى لى فوق شبكة الميكروباص وانه قال للسائق أن يحافظ عليها، وقال انه دفع الأجرة، لماذا دفعت الأجرة معى نقود، أرجوك خذ ما دفعت، ومددت يدى ولكنى لا أدرى إن كنت أمدها فى الطريق الصحيح أم الخطأ، لم يستجب الرجل وانصرف، لقد تصدق على لماذا؟ لا أريده أن يتصدق عليا، ولكنى حتى لم أستطع أن أمنعه، لأننى كفيفة، يا رب ازقنى رؤيتك ومصاحبة نبيك فى الجنة وأبدلنى خيرا من هذه الدنيا وخيرا من هذه النعمة العظيمة التى حرمتنى منها، نعمة عظيمة لا تقدر بكنوز الأرض، نعمة لا يشعر بها المبصرون، والله لو تعلمون أيها المبصرون قيمة هذه النعمة التى من الله عليكم بها لشكرتموه كثيرا ولما استعملتم هذه النعمة فى معصيته
ماذا تفعل لو كنت مكان هذه البنت، بلا بصر لا حول ولا قوة، ولا تستطيع أن تقضى لنفسك شيئا، وتشعر بأنك عالة على الناس، تشعر بالشفقة ممن حولك فيؤلمك الإحساس ......
lمنقووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووول